حزن ..ولكن بلا يأس

اصبح فرانكلين امام راي الطب وحالة المحيطين به ، واحلامه التي بدا
انها تبددت وان بدا متماسكا حزينا . ضمته لحظات الحزن في عبائتها
وقتا ... ولو ان الاشياء الجامدة في غرفته باحت لنا بسر تلك الليلة
فربما ابكتنا نظرات فرانكلين اذ انصرف الجميع وبقى وحده يطالع
المصباح في غرفته .. الجدران .. ابريق الماء .. زهرة الليلك البيضاء
الشاحبة التي بدأ الذبول يتسرب اليها فانحنت لربما جرت الدموع في
عيوننا اذ تختلج عضلات خده تحاول منع دمعة تنحدر من عينه لربما
غامت الرؤى في اعين كثيرة تحبه اذ ارخى جفنه محاولا الا يرى نفسه
مشدودا الى الارض وكانما ساقاه جذعان من خشب تمسك بها ديدان
الارض الشيطانية لكنه راى نفسه يضرب بساقيه الارض يميت كل
ديدانها يقتلع نفسه من جمودها . يتحرك !
لم تؤد لحظات الحزن به في تلك الليلة الى الياس كانت تتسرب الى
اذنه اصوات السيارات وضوضاء الحياة في الطريق اسفل غرفته ان قلبه
ينبض بهذه الحياة التي انزجّ بها في مرحلة صباه .. لقد شعر ان الحياة
تنتظر خارج جدران هذه الغرفة في طرقات المدينة وقاعاتها .. شعر بها
تناديه ان يتخطى لحظات الحزن ان ينهض من رقدته .. اعتدل فرانكلين
بجذعه على فراشه نظر لساقيه هل يقدر له يوما ان يصعد درج احدى
المدمرات كما كان في وكالة وزارة البحرية ؟ هل يقدر له ان يصعد درج
البرلمان ثانية ؟ .. هل ؟؟ لم تكن (هل) هي التي تعتمل في صدر
فرانكلين هذه اللحظة التي بدأت فيها خيوط الفجر تتسلل من نافذته
وانما كانت هناك كلما اخرى هي (يجب) ! التي كانت تشتعل بها روحه
عنادا واصرارا على الاستمرار في طريقه الى هدفه الذي سعى له
اربعين عاما في عقله وروحه .
كان ثمة بركان يتاجج في صدره رافضا العجز .. ولو قدر له حقا ان يظل
قعيدا الى اخر العمر فانه سيتخطى هذا العجز باصراره محققا هدفه
بساقيه المتصلبتين فلم يكن عقله مشلولا ولم يكن قلبه عاجزا امام
الحزن لينهار يائسا محطما قال هامسا (لا بد ان اقضي على هذا
العجز )) لكن هذا الهمس كان اقوى من صوت البركان الذي يحيل
الصخر سائلا ينجرف امام ثورته .
في الصباح اعلن فرانكلين تحديه لمرضه موجها حديثه لاطبائه واهله :
((من الغريب ان يقال : ان رجلا مكتمل الرجولة يمكن ان يشفى من
هذا المرض الستم تسمونه شلل الاطفال )) ان بين الحزن والياس
شعرة .. لكن بين الارادة والعجز تحد وقد بقي فرانكلين ذا ارادة صلبة
ربما حزن الا انه لم يياس قط ودليل ذلك تحديد هدفه الذي سعى اليه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
TAL