الوصية اعلاه صادرة عن أب اصابه عمى الاكتئاب في عروبته وفقد احساس
الوطنية في قوميته ...لنقرأها :
، يابني إنّ أباك قد مات وهو حيّ ، وتعفّــن قبل أن يموت ، فإن أردت أن تكون جثّـةً هامدة ، فاسمع منّي هذه الكلمات ، وقاتل دونها كلّ من يحاول أن يصرفك عنها :
، إيّاك والحذر ! ، فإنّ الحذر من الخصوم يقلّل نسبـة النّوم ! ، وإنّك إن أردت أن تعيش حياتك حذِراً نغّصت عيشك وعيش زوجتك وعيش أبنائك ، وهدمت فيلّتـك بيدك ، وانت تعلم – يا بنيّ – أنّ السعادة في مراجيح أبنائك وأقراط زوجتك وسراميك بيتك !
يابني لقد تعلّمت من الحياة أن آكل وأشرب وأنام ، ثمّ أستيقظ لآكل وأشرب وأنام ! ، فكل واشرب ونم ، ثمّ استيقظ وكل وشرب ونـم ! ، ولا يخدعنّك أحدٌ يوهمك أنّ الحياة صراع ، فنحن لم نخلق لنقتل ، وإنمـا خلقنـا لنعيش ، فلا تكدّر عيشك بمخطّطات خصمك ، واعلم أنّه متى ما هجم عليك أدركت ذلك بالفطرة ! ، فعش حياتك غير آبـهٍ بمن حولك حتّى ترى أضراسك في يد عدوّك مـالم يظهر لك أنّه طبيب أسنانٍ يريد أن يبدلك ضرساً بضرس !!
يابني لقد علّمتني الحياة ، أنّه بإمكاننا أن نرى الجانب المشرق منها متى ما أردنا ذلك ، فإن رأيت من يقبّل زوجتك أمام عينيك ، فلا يذهب فكرك إلى أنّها مقدّمة اغتصاب ! ، بل حاول أن تتعامل بحسنٍ ظنٍّ يليق بتحضّرك ، فربمـا كان ذلك الذي ظننته " مغتصبـاً " يريد أن يلقّنك درساً في فنّ القبــلة !
يابني إيّاك أن تمتطي نظريّة المؤامرة مركباً ، فإنّهـا شرُّ مركب ، ولا تصدّق أنّ ثمّة من يتربّص بك حتّى يختلط أعلاك بسافلك ! ، وحتّى لا تتبيّن أصابع يديك من أصابع رجليك ، ومع هذا فإن وجدت بصيص أملٍ تعذر به خصمك فافعـل ، فلعلّــه يريد أن يعيدك كرّةً ثانية لتصبح إنساناً متحضّـرا !
يابني قد تبتلى في حياتك بمتشدّدين يخوّفونك ، ويوهمونك أنّ الفاتحين غزاة ، وأنّ بناة الحضارة محتلّون غير بنـاة ، فإن ابتليت بهؤلاء فولّهم ظهرك ، وأسلم رأسك ورأس أخيك لخصمك وإن قالوا لك : لاتصالح ولو قيل رأسٌ برأس !
يابني هذه وصيّتي إليك ، فاستمسك بها تنعم كما تنعم بهيمة جارك ، ولا تدعها فتشقى كما شقي جارك الذي مات قبل أن يُحرّر أرضـه ويقتل عدوّه !
هل نعذر هذا الوالد الحريص على ابنه في زمن الانحطاط العربي....!!!