القارب البخاري

روبرت فولتن
ـــــــــــــــــــــــ
قبل ان يتثنى لجيمس وات الاسكوتلندي انجاز صنع الآلة البخارية في عام 1769 بمدة غير وجيزة حاول رجال حاذقون ان يستخدموا البخار في تسيير القوارب ولكن هذه المحاولات باءت بالفشل فلم تتمكن سفينة بخارية واحدة ان تفي باغراض النقل التجاري الا بعد اربعين سنة من ظهور الة وات بخاري . اما الرجل الذي صنعها ولقب في ما بعد ( اب الملاحة البحرية) فكان امريكيا ذا مواهب عدة : كان صانع اسلحة ، ومهندسا ، ورساما ، ومخترعا .
ولد روبرت فولتن في بنسلفانيا من اب ارلندي هاجر الى الولايات المتحدة قبل ان تنال استقلالها بعشر سنوات . ظهرت مواهبه في سن مبكرة فاخترع في الرابع عشر من عمره الة لتسيير القوارب بواسطة عجلة تجذيفية . وكان لايزال في شرخ الفتوة عندما رحل الى اوروبا وقضى هناك عشرين سنة يؤمن رزقه من ثمن لوحاته الفنية وفي هذه المدة نال عدة شهادات بتسجيل عدد من الاختراعات منها جهاز الي للحفر كما تمكن من ابتكار الة لرفع المراكب ونقلها من مستوى مائي لاخر دون اللجؤ الى السدود المائية وشهد ايضا نجاحمركب بخاري صغير من تصميم وليم سيمنجتون الاسكتلندي وصنع غواصة للبحارة الفرنسية ولكنه فشل في تسيير قارب بخاري في نهر السين .
وعاد فولتن الى نيويورك وعادت فكرة الملاحة البخارية تتحداه فاستأنف محاولاته . وجهزّه احد احد بنائي السفن بمركب يبلغ طوله 40م وعرضه حوالي ستة امتار وحمولته 160طن ليمخر به العباب على عمق 2م فركب عجلتين لتجذيف في جانبي محرك صنعته شركة بولين و وات في بريطانيا حسب مواصفات المخترع .
كان للمحرك اسطوانة قطرها 61سم و مكبس (بيستون) بطول 1.2م اما عمل فولتن الاساسي المتميز فهو تقديره لطاقة المحرك الاجمالية على العمل الذي الذي سيقوم به وأثر اشكال العجلات المختلفة في التجذيف ومقاومة هيكل المركب في الماء . وأعلن فولتن عن تجربة مركبه البخاري (كلير مونت) في17 آب (اغسطس) عام 1807 فتجمع جمهور من الناسعلى ضفتي نهر الهدسون في نيويورك وارتفع الدخان من المدخنة نحو السماء فتحرك المركب ببطء الى الامام ....ثم توقف . وفي وقت قصير تمكن فولتن من جعل سفينته تستأنف مسيرها ضد مجرى المياه حتى وصلت الى (الباني) ؛ بذلك قد يكون قطع مسافة 240كم في32 ساعة وبعد ايام قلائل بدأت السفن البخارية تنقل الركاب بشكل منتظم فاقتنع الشككون ان الملاحة البحرية كانت اكثرمن حلم يراود الذهن البشري .
ارتكب فولتن بعض االاخطاء في تصميم مركبه ولكنه برهن على ان المحركات البحرية يجب ان تكون اكثر طاقة اندفاعية مما تصور اصحاب المحاولات الاولى وشجع نجاحه غيره من مصممي المراكب فبنوا اولا مراكب نهرية ثم سفنا للنقل عبر المحيط وبسرعة اخذت المراكب تزداد حجما ودقة . وفي عام 1847 تم في امريكا صنع اول سفينتين بخاريتين للسفر عبر المحيط الأطلسي وكانت حمولة الواحدة عشرة اضعاف حمولة (كلير مونت) وتدريجيا اخذت هياكل السفن الحديدية او الفولاذية تحل محل الهياكل الخشبية وفي الاربعينيات والخمسينيات من القرن التاسع عشر حل داسر الباخرة اللولبي محل عجلة التجذيف في السفن البحرية .
ولعدة سنوات بعد وفاة فولتن عام 1815 ظلت المراكب الشراعية التقليدية تتفوق على السفن البخارية من حيث السرعة والتكاليف . ولكن السفن الخارية امتازت ببرامجها المنظمة التي يمكن الاعتماد عليها . وعندما ازداد حجمها اصبحت تمتاز ايضا بطاقتها الكبيرة للشحن ونقل الركاب . وفي عام 1870 كادت تحل المداخن كليا محل الصواري . واخذت السفن البخارية في جميع الالخطوط المائية تصنع تاريخها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ