ان أعظم مايتسلح به الانسان هو الصبر ,فهو السبيل الذي يوصل الى الهدف,وهو السلاح الذي يتسلح به المؤمن,فيطمئن فؤاده,ويتغلب على اليأس ان انتابه يأس,ويتغلب على القلق ان جرفه تيار القلق الى أودية بعيدة من الفتور والسلبية,او القعود والنكوص.
ولنا في رسول الله (ص)الأسوة الحسنة بالصبر,فكان ان بنى دعوته لدين الله,على ماأمره الله به من الصبر.
لقد أمر الله رسوله ,أن يبدأ بتبليغ الدعوة الى دين الله عز وجل,وماكان طريق الدعوة الا مملوءا صعابا وقلاقلا .......
كيف لا وهو يدعو اناسا حملوا في أنفسهم ماتوارثوه من رواسب وتقاليد,ومصالح اقتصادية وسياسية,وعبادة أوثان اجتمعوا عليها ,فواجه (ص) معارضين ومكذبين,بل معتدين آثمين,لجؤوا الى طريق القوة والعنف.....
وهكذا هو الحق في مبدأ أمره,تحجبه الأباطيل ,ثم ماتلبث شمسه في السطوع مبددة السحب والضباب موضحة الرؤية.....
هكذا سار الوحي الالهي مع خاتم النبيين والمرسلين يكلأ الدعوة والداعية.....يهدي,يرشد,يوجه,يلقي على قلبه شحنة ,من الايمان ليصمد,ويثبت في ميدان الدعوة أمام تكذيب قومه له ,ويتسلح بأمضى سلاح ألا وهو الصبر ليصل في النهاية الى النصر.
قال تعالى مخاطبا نبيه : (فاصبر لحكم ربك ,ولاتكن كصاحب الحوت اذ نادى وهو مكظوم لولا ان تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم ,فاجتباه ربه فجعله من الصالحين) سورة القلم آية (48 ( 49) (50)
(فاصبر على مايقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب)سورة (ق)آية (39)
(قل ياأيها الناس قد جائكم الحق من ربكم فمن اهتدى فانما يهتدي لنفسه ,ومن ضلّ فانما يضلّ عليها وماأنا عليكم بوكيل واتبع مايوحى اليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين)يونس (108)(109)
(فاصبر ان وعد الله حق)غافر(55)
(فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل)الاحقاف (35)
(واصبر لحكم ربك فانك بأعيننا)الطور (48
(واصبر وما صبرك الا بالله)النمل (127)
(واصبر على مايقولون واهجرهم هجرا جميلا وذرني والمكذبين اولي النعمة ومهلهم قليلا )المزمل (10)(11)
أمر الهيّ للرسول بالصبر على مزاعم المكذبين ومناوراتهم ثم هداية له وتبيان ,صبر وهجر,وذلك الهجر لايكون هجرا قاسيا صارما عنيدا لارجعة فيه ,لا ,فذلك ينفر الناس ويبعدهم عن الدعوة والداعية بل هجر"جميل"يتسق مع مهمة الهادي المرشد .
وقد لاقى(ص) في سبيل نشر رسالة ربه أشكالا وألوانا من السخرية والاستهزاء والعذاب ,دون ان تنحدر النفس ,او تضعف,او تستسلم,عندما تجابهها شدة أو أزمة نفسية او سخرية قاسية مريرة.
هنا تظهر مهمة المربي الذي يحصّن النفس من أن تندفع الى مهاوي اليأس,فيوجهها ويربيها ويهديها الى الصمود,والثبات والصبر.
وقد عرض الله عز وجل على رسوله مواقف عدة جابهت من سبقه من رسل الله,بغية ان يحصّن الله نفس رسوله محمد (ص)فبين له وقص عليه مالاقاه الرسل من قبله من العنت والشدة والمؤامرات,ليثبت كما ثبت اخوانه من رسل الله وليصبر كما صبروا قال تعالى:
(وكلا نقص عليك من أنباء الرسل مانثبت به فؤادك )هود(120)
(ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ماكذبوا )الانعام (34)
(فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين انا كفيناك المستهزئين)الحجر (94)
(ولقد نعلم انك يضيق صدرك بما يقولون)الحٍجر(97)
(وقد نعلم انه ليحزنك الذي يقولونه فانهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون) الأنعام(33)
(تلك من انباء الغيب نوحيها اليك ماكنت تعلمها انت ولاقومك من قبل هذا فاصبر ان العاقبة للمتقين)هود(49)
(واصبر فان الله لايضيع أجر المحسنين)هود(115)
(ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا....)الانعام(34